تمكن ريال مدريد الإسباني بتعادله الثلاثاء مع بايرن ميونخ الألماني بهدفين لمثلهما في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا على ملعب سانتياغو بيرنابيو من التأهل لنهائي البطولة للمرة الثالثة على التوالي.
ويمكن تلخيص قدرة ريال مدريد على تحقيق
هذا الإنجاز، بعدما فاز في مباراة الذهاب بهدفين لواحد، في الأسباب التالية بعيداً
عن أي جدل تحكيمي:
جينات الفوز
دوري الأبطال هي بطولة ريال مدريد، إذ يُظهر
دوماً غريزة البقاء، التي تجعله يخرج سالماً من أي موقف يواجهه، وفي أي مباراة مهما
كانت صعوبتها.
ولم تكن كرة القدم التي قدمها أمام بايرن
في نصف النهائي بمباراتيه هي الأفضل، لكنه تمكن من حصد تذكرة التأهل بسبب تعلمه كيفية
تحقيق الإنجازات عبر بوابة المعاناة.
وانتصر الريال على بايرن مجدداً في أليانز
أرينا وقدم حينها درساً في الفاعلية والتحمل وتكرر الأمر في البيرنابيو، وإن كان على
أرضه ظهر بعيداً كل البعد عن مصطلح "تقديم مباراة جيدة" على صعيد اللعب،
وتحلى فقط بالشجاعة والتفاني والتضحية ليبقى واقفاً على قدميه أمام الموجات الهجومية
البافارية.
كريم بنزيما يُبعث من جديد
هذا واحد من أسوأ مواسم اللاعب الفرنسي
بقميص ريال مدريد، لكن يبدو أن نصف النهائي يحمل تعويذة سحرية تجعله ينهض من رقاده،
ليس كوحش، لكن فقط من أجل اتمام المهمة.
عاد بنزيما مجدداً ليلعب دوراً حاسماً،
كما سبق وفعل الموسم الماضي في في إياب نصف نهائي دوري الأبطال على ملعب فيسينتي كالديرون
بلعبة لن تنساها أبداً جماهير مدريد.
وكانت مراوغة في مساحة صغيرة للغاية بجوار
خط التماس تركت ثلاثة من لاعبي الـ"روخيبلانكوس" بلا حول أو قوة ومفغوري
الأفواه وانتهت بهدف.
وهذه المرة أمام بايرن كان الأمر مختلفاً،
إذ فعل تحديداً ما يطالبه به جمهور ملعب سانتياغو بيرنابيو الذي كل ومل من قلة فعاليته،
ليظهر ويسجل هدفين ويلعب بنجاعة لم يظهرها طوال الموسم.
وجاء الهدف الأول برأسية بعدما هرب من الرقابة
ليعادل النتيجة، ثم جاء هدفه الثاني بفضل حسن توقعه ومتابعته الجيدة للهفوة أو الزلة
أو أياً كان اسمها التي وقع فيها حارس الفريق البافاري.
التألق الكوني لكيلور نافاس
وكان الحارس الكوستاريكي في حاجة لمباراة
مثل هذه، مباراة يتألق فيها ويمحو خطأيه الأخيرين، في الهدف الثالث ليوفنتوس على البيرنابيو
والأولى للنادي البافاري على ملعب أليانز أرينا.
وكان تألق نافاس كونياً، إذ غير ما كان
ليصبح عليه كون بايرن ميونخ وربما الكرة الأوروبية لو مر النادي البافاري للنهائي.
وقدم الحارس الكوستاريكي درساً ليخرس أي
شائعات تتردد حول حاجة الريال لحارس جديد في الموسم المقبل، وكان له ثمان تصديات حاسمة
لترفع من يأس البايرن الكثير أمامه، وكان ثلاث منها إعجازية بحق وبردود أفعال غاية
في السرعة.
ويبدو أن نافاس اعتاد أخيراً على ما يعنيه
أن تلعب في ريال مدريد؛ أو بكلمات أخرى أن تتخطى صعابك عبر شخصيتك وذهنك الحاضر دائماً
للتغلب على الأخطاء والنقد المستمر.
وعرقل زين الدين زيدان صفقة ضم الحارس كيبا
في الشتاء وها هو نافاس يقدم له المكافأة.
الرجل الذي لا يُقصيه أحد من دوري الأبطال
لا يوجد أحد قادر حتى الآن من إقصاء زين
الدين زيدان من دوري الأبطال، إذ فاز بكل الأدوار الإقصائية في البطولة منذ تولى تدريب
النادي "الملكي"، تسعة من تسعة والفوز في نهائيين متتاليين، ليس هذا فحسب،
بل أنه ليصل لكييف هذا الموسم أقصى أبطال فرنسا وإيطاليا وألمانيا.
ولكي ينجح في التأهل لكييف، اضطر زيدان
لاتخاذ قرارات صعبة ومهمة ومنها جعل الويلزي غاريث بيل صديقاً لدكة البدلاء ومثله بنزيما،
وإن كان قرب نهاية الموسم، ومكافأة لاعبين مثل ماركو أسينسيو ولوكاس فاسكيز على ما
يقدموه للفريق.
ولجأ زيدان للابتكار أمام بايرن وكاد يدفع
الثمن غالياً، أجلس كاسيميرو على الدكة وانكسر فريقه وترك مساحات في الوسط وقلب الدفاع
استغلها بايرن، راهن أيضاً على لوكاس فاسكيز كظهير على أن يجبر ناتشو على العودة في
ظل افتقاره لوتيرة اللعب بسبب الإصابة.
وجعل مودريتش مسؤولاً عن الركض وراء ريبيري،
ليفقد مزية بناء اللعب التي يتفوق فيها اللاعب الكرواتي.
وعانى كما لم يعان من قبل، لكنه ولمرة أخرى
حافظ على لقبه كرجل لا يعرف الإقصاء في دوري الأبطال.
التفاصيل الصغيرة "الكبيرة"
إذا كانت هناك سمة تميز مباريات "الكلاسيكو"
الأوروبية بين العملاقين ريال مدريد وبايرن ميونخ، فهي التساوي والندية، وأن أي خطأ
صغير يكتسب بعداً وأهمية كبرى.
وحدث هذا في الذهاب حينما أخطأ مارسيلو
في تموضعه في الهدف الأول بملعب أليانز أرينا، وزاد عليه توقع نافاس أن تُلعب الكرة
كعرضية ثم جاء الأمر كتسديدة، بل وأيضاً حينما أهدى رافينيا كرة لأسينسيو انتهت بالإسباني
الطائر وهو يحتفل بالتسجيل.
وجاءت التفاصيل الصغيرة "الكبيرة"
لتظهر مرة أخرى في الإياب في خطأ راموس في تشتيت الكرة ليسجل كيميتش الهدف الأول، لكن
بايرن عاد ليسقط هو الآخر في أخطاء من نفس الفئة سواء في الهدف الأول عبر الرقابة السيئة
لبنزيما في لقطة الهدف الأول أو الخطأ الفادح الذي ارتكبه أورليتش في لقطة الهدف الثاني.