قد يكون الأمر محسوماً في أوروبا، حيث لا مجال لعاطفة كروية تتعلق بالوطن في مباريات وبطولات وتحديات الأندية، فالعاطفة الوطنية تتجه صوب المنتخب الوطني من دون سواه من الكيانات الكروية، وربما تسجل حضورها النسبي في تحديات الأندية الخارجية سواء القارية أو العالمية، إلا أن الأمور لا تبدو كذلك في قارات وثقافات كروية أخرى خارج القارة العجوز، حيث ينظر أبناء الأرجنتين، خاصة جماهير استوديانتس، بعين التعجب وربما الغضب للنجم ليونيل ميسي، الذي لعب دوراً محورياً في حرمان الأرجنتين من الحصول على أول مونديال للأندية في تاريخها عام 2009، حينما قاد البارسا للفوز على استوديانتس الأرجنتيني في أبوظبي.
في مشهد لا يبرح ذاكرة وقلب عشاق الكرة العالمية، وتحديداً في 19 ديسمبر 2009 باستاد مدينة زايد الرياضية بأبوظبي، أوشك فريق استوديانتس على تحقيق حلم جماهيره، وجماهير الأرجنتين بالحصول على لقب مونديال الأندية للمرة الأولى، فقد تقدم الفريق الأرجنتيني على البارسا في نهائي البطولة، وظل متقدماً بهدف نظيف حتى الدقيقة 88، حينما انتفض بيدرو وسجل هدف التعادل، واكتملت فصول ضياع الحلم الأرجنتيني على يد ابن التانجو ليونيل ميسي في الدقيقة 110، بعد الاحتكام لشوطين إضافيين.
وظهر خوان سيباستيان فيرون، قائد استوديانتس ونجم الأرجنتين السابق، متأثراً بسيناريو المباراة القاسي، فقد كان يحلم بالحصول على اللقب تمهيداً للرحيل عن الملاعب، ولكنه استمر فيما بعد في الدفاع عن قميص الفريق الأرجنتيني حتى اعتزاله في 2014، وفي رصيده 281 مباراة و33 هدفاً، وألقاب عدة، أهمها كوبا ليبرتادوريس 2009، والتي قادت الفريق للتحدي المونديالي في أبوظبي، ويعمل فيرون رئيساً لاستوديانتس في الوقت الراهن، وعلى الرغم من ثراء مسيرته الكروية، فإن لحظة الانكسار في أبوظبي على يد ميسي لا تفارق ذاكرته.
المفارقة أن ليو الذي لم تكن أسطورته الكروية اكتملت بالشكل الحالي، حيث كان في بدايات رحلة التألق، حصل على لقب أفضل لاعب في مونديال الأندية بأبوظبي 2009، تاركاً المركز الثاني للمخضرم فيرون في مشهد تاريخي، تفاعل معه أبناء التانجو بمشاعر مختلطة بين الفخر بنجم قادم لقيادة الأرجنتين، وآخر يسلمه الراية في نهايات مسيرته.
سولاري.. التانجو والريفر
في النسخة الحالية، وعلى أرض أبوظبي، يتكرر المشهد بالطريقة ذاتها، حيث يسعى سانتياجو سولاري لقيادة الريال للفوز باللقب على حساب ريفر بليت في حال بلغ كل منهما المباراة النهائية، وهو المؤشر الذي يفترض تحققه نظرياً على الأقل، فالريال وبطل أميركا الجنوبية هما الأقوى والأكثر قدرة على التنافس فيما بينهما، وتقول معطيات التاريخ أن نهائي مونديال الأندية غالباً ما يكون بين بطل أوروبا وممثل القارة اللاتينية، وهو الأمر الذي لا يصادر حق بقية الأندية في أن تطمح وتحلم بتحقيق البطولة.
سولاري الأرجنتيني سوف يجد نفسه في تحدٍ جديد، يقع في إطار ما يسمى بالخيانة المشروعة، فالريال سوف يسعى لحرمان الأرجنتين من أول لقب مونديالي لها على مستوى الأندية، بل إن سولاري سوف يكون على الأغلب في مواجهة الفريق الذي بدأ معه مسيرته الكروية، وهو ريفر بليت، الأمر الذي يضاعف من حالة الترقب الجماهيري لدى عشاق الريفر وجماهير الكرة الأرجنتينية بشكل عام، في الوقت الذي لا يمكن تقييم الأمور بهذه الطريقة لدى جماهير الريال وسولاري الذي سيفعل كل شيء لكي ينتصر لشرف المهنة والعمل.
وقبل مباراة نهائي كوبا ليبرتادوريس التي أقيمت في مدريد بين الريفر والبوكا إنقاذاً للموقف، كشف سولاري عن شعوره بالغضب لكل ما حدث في النهائي التاريخي، بل إنه أبدى شعوره بالحزن لنقل المباراة خارج بوينس آيرس، ولم يكشف عن الفريق الذي سيقف خلفه في نهائي مدريد الشهير الذي ابتسم للريفر، على الرغم من أنه لاعب سابق في صفوف فريق المليونيرات، مؤكداً أنه يتمنى خروج المباراة بصورة مشرفة للأرجنتين قبل كل شيء.