أحاديث كثيرة عن قضية احتراف كرة القدم المصرية، وخاصة بعد نجاح التجربة الاحترافية الخاصة باللاعب محمد صلاح ، لاعب ليفربول الإنجليزي، بالرغم من أنها تجربه لم يتم التخطيط لها، بل جاءت برغبة حقيقية للاعب يهوى النجاح والتقدم .
فعملية احتراف لاعب كرة قدم تعتبر من أعقد الأمور التنظيمية فى المجال الرياضى، فلاعب كرة القدم المحترف منظومة متكاملة، تشمل العديد من الجوانب العقلية والنفسية والبدنية والمهاريه والاجتماعية، والعديد من الأمور التى تحتاج إلى عمليات تكيف وإعداد وتجهيز كبير لهذا اللاعب، فى ظل كون هذا اللاعب سيذهب إلى بلد تختلف فى العادات والتقاليد واللغة والتعاملات والطقس والأمور الكثيرة التى تحتاج إلى استعدادات خاصة.
ولذلك فإن عملية التأهيل الاحترافى للاعبين لكى يخوضوا تجربة احتراف كرة القدم يحتاج إلى سنوات عديده من عمر اللاعب تبدأ من عمر صغيره حتى يستطيع ذلك ، فالاحتراف فى كرة القدم ليس عقدًا ينتقل به اللاعب من فلسفة الهواية إلى الاحتراف ، بل هو نظام متكامل يكمن فى تحول العقول اولا من إطار الهواية إلى عقول الاحتراف .
هذا الأمر لن يتحقق بالصورة المثلى إلا من خلال تحول فى إدارة منظومة كرة القدم المصرية من الإدارة الهاوية إلى الإدارة المحترفه مثل العديد من دول العالم المتقدمة فى احتراف كرة القدم، ذلك التحول هو الذى سيخلق أعدادًا من لاعبى كرة القدم المحترفه ، لانه ببساطة جدا هذا التحول سيسمح لطبيعة معينه من العقول تدير منظومة كرة القدم بصورة احترافية ، فليس هناك اى منطق يقول ان مجالس إدارات متطوعه سواء فى أندية او اتحاد لكرة القدم تدير احتراف فى كرة القدم، وتريد أن تخرج منه بنتائج إيجابية.
هذا الأمر يتطلب ان تؤسس الأندية الرياضية المصرية جميعها شركات فى كرة القدم .شركات ذات إدارة محترفه .تلك الشركات تؤسس ما يسمى هيئة رابطة دورى المحترفين المصرى .من خلال حصص اسهم تحدد وفقا للرأس المال المكون لكل شركة من تلك الشركات .فقضية الاحتراف تحولت فى السنوات الأخيرة بصورة مذهله حتى تحولت أيضا من مفهوم الروابط المحترفه نظرا لتشابها مع فكرة المجالس المتطوعه، إلى فكرة الكيانات الاقتصادية التى تملك تلك الروابط.
فالثابت ان تكوين كيان اقتصادي يملك رابطة دورى المحترفين سيسمح بحرية اقتصادية فى عمليات الإدارة الأمر الذى سيسمح بسهولة التعامل مع مختلف التدفقات المالية الناتجه عن عمليات الاحتراف .تلك الهيئة هى فى الأصل شركة قابضة " holding company" تساهم فى تكوينها كل الشركات التى اسستها الأندية الرياضية المصرية التى فى الأصل يجب أن تكون محترفه . وهذا ما يجب أن يطبقه الاتحاد المصرى لكرة القدم. تلك الشركات أو الكيانات الاقتصادية التى ستكونها الأندية بعد الحصول على رخصة الاحتراف من الاتحاد المصرى لكرة القدم .ستحدد مساهمتها المالية فى الشركة القابضة وفق العديد من المعايير التى ترتبط بمعدلات النادى الاقتصادية والتاريخ والانجازات والاستثمار المالى فى قطاع كرة القدم .وخاصة فى مجال الشباب والناشئين .وخاصة فيما يرتبط بتطبيق النادى لبرامج الشباب المحدده من قبل الاتحاد الدولى لكرة القدم و التى تسمح بتأسيس قاعده رصينه من اللاعبين الصغار يمتلكون قواعد ومقومات الاحتراف الحقيقية .فلاحتراف فى كرة القدم نظاما هيكليا. ونظاما معقدا يحتاج إلى إعادة ترتيب المؤسسات الرياضية المرتبطه بكرة القدم حتى نستطيع أن نحصل على منتج جيد يتمثل فى "لاعب كرة القدم المحترف " خارج مصر .
فعندما نجد أن البرازيل تملك ما يقرب من (١٣٠٠ ) لاعب محترف وفرنسا تملك (٧٩٠) لاعبًا محترفًا، والأرجنتين( ٧٥٠ ) لاعبًا محترفا، وانجلترا (٤٦٠ ) لاعبا محترفا، وإسبانيا( ٣٦٠ ) لاعبا محترفا، فى الدوريات الكبرى فى مجال كرة القدم نعرف مدى صعوبة صناعة لاعب كرة قدم محترف فى ظل قوة تلك الدول فى مجال كرة القدم .فقضية صناعة لاعب كرة القدم المصرى المحترف تحتاج إلى تخطيط وتنظيم استراتيجى يتوافق مع معطيات الواقع ومتغيرات العالم وتقدمه فى مجال كرة القدم .
فادارة الرياضة والتقدم العالمى فيها لا يعتمد على العشوائية والأفكار الفجائية بل يعتمد على الاحترافية والتعمق والتخطيط والدراية الكاملة بما يحدث فى العالم فى مجال الرياضة بصفه عامة وكرة القدم بصفة خاصة.