أكد نادي ريال مدريد الإسباني أمس الثلاثاء أنباء رحيل لاعبه البرتغالي كريستيانو رونالدو ليفتح بذلك الباب أمام العديد من علامات الاستفهام عن الأسباب التي دفعت اللاعب للرحيل، وهو الأمر الذي يستند في الأساس على عاملين هما: مصلحة الضرائب الإسبانية والغرور الذي يتسم به هذا النجم الكبير.
وقال رونالدو في بيان وداعه للنادي الملكي: "أعتقد أنه حانت لحظة بداية مرحلة جديدة في حياتي ولهذا طلبت من النادي أن يوافق على رحيلي، أشعر بالأسف لهذا الأمر وأطالب الجميع وخاصة المتابعين لنا بأن يتفهموا موقفي".
وقضى رونالدو بين جدران ريال مدريد تسع سنوات من المجد، ولكن النهاية كانت مفاجئة، وهي النهاية التي ألمح إليها اللاعب بنفسه في وقت غير متوقع على الإطلاق.
وكان ذلك في 26 أيار/مايو الماضي، بعد لحظات فقط من فوزه باللقب الثالث له على التوالي مع ريال مدريد في بطولة دوري أبطال أوروبا، وقال رونالدو آنذاك: "اللعب لريال مدريد كان شيئا جميلا".
وحتى ذلك الحين، لم يكن لدى ريال مدريد فكرة واضحة عن الشعور بالامتعاض الذي ينتاب رونالدو، أو على الأحرى كان يعلم أن كل ما يهم اللاعب هو التفاوض حول عقده الجديد وزيادة راتبه، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن له علاقة بالنواحي المادية.
وقال أحد المصادر المقربة من فلورينتيو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) : "كريستيانو رونالدو سيرحل لأنه لا يرغب في اللعب في إسبانيا ولأنه لا يرغب في العيش في دولة يشعر فيها بأنه متهم من قبل مصلحة الضرائب، هل هذا بسبب شعوره بالخزي؟، ربما، وهناك أشياء أخرى أيضا".
وعندما نطق رونالدو بتلك الكلمات عقب نهائي دوري أبطال أوروبا كان يدرك أن الاتهام بالتهرب الضريبي أمر لا رجعة فيه.
واتهم رونالدو بالتهرب من دفع 7.14 مليون يورو (7.16 مليون دولار) للضرائب عن أرباحه الناجمة عن استغلال حقوق الصورة، وكان ذلك وصمة شديدة القتامة في تاريخه الذي طالما كان يفتخر به إلى درجة الغرور.
وخلال مشاركته مع البرتغال في بطولة كأس العالم 2018 بروسيا اطلع رونالدو على ما قالته الصحف الإسبانية عن هذه القضية.
وقالت بعض الصحف الإسبانية: "كريستيانو يقترح على مصلحة الضرائب قبوله بالحكم عليه بالحبس لعامين ودفع 8ر18 مليون يورو كغرامة".
ولن تفضي هذه القضية بأي حال إلى الزج برونالدو في السجن، كونه لم يسبق له أن ارتكب مخالفة مشابهة في الماضي، وكان ذلك هو ما حدث تحديدا مع الأرجنتيني ليونيل ميسي.
ومن المنتظر أن يصدر الحكم قريبا في هذه القضية، ويرى الكثير من المتابعين أن ذلك سيكون على الأرجح مع مطلع الأسبوع المقبل.
وأضاف المصدر المقرب من بيريز، قائلا: "هذا أمر مبالغ فيه بالنسبة للغرور الذي يتسم به اللاعب البرتغالي".
وعلم ريال مدريد بعد ذلك برغبة رونالدو في الرحيل من خلال وكيل أعماله، خورخي مينديز.
وأدرك النادي الملكي أن رونالدو يرغب في الرحيل عن إسبانيا على وجه الخصوص وأنه لا حيلة له أمام هذا الأمر، كما أن بيريز أصابه الكلل من النزاع القائم بينه وبين رونالدو حول رغبة الأخير في رفع راتبه للمرة الثانية في أقل من عامين.
وليس هذا وحسب، ولكن بالإضافة إلى ما سبق هناك غضب واستياء كبير يحمله بيريز للإسباني مينديز، الذي كان في فترة من الفترات ممثلا لعدد كبير من اللاعبين والمدربين الذين عملوا مع ريال مدريد، مثل أنخيل دي ماريا وفابيو كوينتراو وبيبي وخاميس رودريجيز وكريستيانو رونالدو وجوزيه مورينيو، وهم من لم يتبق منهم أحد داخل النادي المدريدي.
وتابع المصدر المقرب من بيريز، قائلا: "مينديز كان يرغب في مانشستر يونايتد ولكن مورينيو رفض تدريب كريستيانو رونالدو مرة أخرى".
وعمل رونالدو ومورينيو معا في ريال مدريد طوال ثلاث سنوات ولم يكونا يتحدثا مع بعضهما البعض بشكل كبير وكان مورينيو يلجأ إلى شخص أو لاعب أخر ليخبر النجم البرتغالي بما يريده.
وكان نادي باريس سان جيرمان الفرنسي أيضا ضمن أحلام مينديز، ولكنه حلم غير قابل للتحقيق، حيث يواجه النادي الباريسي بعض المشكلات مع قاعدة اللعب المالي النظيف بعد تعاقده مع نيمار وكيليان مبابي.
وعلى وجه التحديد، سيتعين على النادي الفرنسي خلال الفترة القليلة المقبلة أن يدفع 180 مليون يورو لموناكو ليتمم صفقة انتقال هذا اللاعب الأخير لصفوفه بشكل نهائي بعد أن لعب معه في الموسم الماضي على سبيل الإعارة.
ومع استبعاد بايرن ميونخ الألماني لأسباب مادية وباعتبار ألمانيا وجهة غير جذابة، لم يبق لرونالدو سوى إيطاليا وتحديدا يوفنتوس، النادي الوحيد هناك الذي يمكنه أن يقدم عرضا لائقا للاعب.
وتعهد ريال مدريد، وتحديدا فلورينتينو بيريز لرونالدو بالسماح له بالرحيل عندما يرغب في ذلك، كما قبل العرض المالي الذي قدمه يوفنتوس وذلك لقناعته أن هذا هو أقصى ما يمكن للاعب أن يحصل عليه.
ولم يرغب النادي الملكي في اتخاذ موقفا صلبا من أجل عدم الدخول في نزاع مع اللاعب، وحتى يكون رحيله عن إسبانيا في إطار لائق، وفي نفس الوقت يستطيع المحافظة على علاقته بالنادي الإيطالي.
وبعيدا عن الأسباب التي دفعت رونالدو إلى الرحيل، قبل ريال مدريد ببيع اللاعب الفائز بجائزة الكرة الذهبية في العامين الماضيين بسعر أقل من الذي دفعه برشلونة للحصول على خدمات اللاعب الفرنسي الصاعد عثماني ديمبلي، وهو من يبرز اسمه دائما بين البدلاء سواء في النادي الكتالوني أو في المنتخب الفرنسي، ويقارب السعر الذي دفعه مانشستر يونايتد لخطف باول بوجبا من يوفنتوس قبل عامين.