في ملعب صغير بجامعة عين شمس وسط القاهرة تقف منى عطالله وهي ترتدي القميص الوردي الذي يحمل شعار الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، تقود مباراة نسائية ودية، آملة في ان تتمكن يوما ما من إطلاق صافرتها في دوري الدرجة الأولى للرجال.
وتقول عطالله (37 عاما) "كان هناك استغراب من أن تلعب الفتيات كرة قدم، فما بالك إذا كانت الفتاة هي التي تحكم وفي يدها القرار؟".
تضيف السيدة التي نالت الشارة الدولية في العام 2004، "مع ممارسة المهنة وقيام المرأة بدورها في التحكيم على أكمل وجه أصبح (الناس) فخورين جدا بتواجدها في هذا المجال".
صاحبة الشعر القصير والوجه المبتسم، قادت مباريات في عدد مسابقات دولية وافريقية، وآخرها في أثيوبيا ضمن تفصيات الكأس القارية للسيدات.
وفي ابريل الماضي سمحت لجنة الحكام بالاتحاد المصري لكرة القدم لعطا الله وزميلتها بوسي سعيد بإدارة مباراة في الدرجة الثانية من الدوري، ما اعتبر تطورا قد يمهد للسماح للسيدات بإدارة مباريات "الدوري الممتاز".
لا تغيب كرة القدم عن عائلة عطالله. زوجها وأشقاؤها يحملون صافرة التحكيم، ووالدها كان مدربا للعبة. هذا الجو ساعدها على الالتحاق بأول دفعة حكام سيدات في مصر عام 1998 عندما أعلن عنها الاتحاد لتشارك في تحكيم المباريات النسائية ومباريات الناشئين رجال.
وتوضح "في عام 2005 كانت المرة الأولى التي يتم فيها السماح لنا بتحكيم مباراة رجال في القسم الثالث بالدوري العام".
المباراة المصغرة التي أدارتها عطالله على ملعب الجامعة، رافقتها فيها زميلتها حنان حسن (37 عاما)، المعتمدة بدورها في قائمة الحكام.
وتقول حسن، المحجبة التي ارتدت القميص الوردي أيضا، "إذا كانت مباريات الرجال تشهد بعض العنف، قد يدفع وجود سيدة كحكم للمباراة اللاعبين الى بعض الخجل".
وتشير الى انها اعتادت على ان ترفق قراراتها على أرض الملعب "بابتسامة حتى امتص غضب من امامي".
وتستذكر حسن موقفا مضحكا حصل معها. ففي احدى المباريات النسائية "قامت والدة احدى اللاعبات وسط المدرجات وبصوت عال صاحت وهي تنظر إلى +ربنا يبارك بك يا بنتي واتمنى ان تصبح ابنتي مثلك+".
وتشير الى ان هذا الترحيب "أصابني بالخجل".
تأمل عطالله وحسن التي بدأت بمزاولة التحكيم في العام 2006، في ان يقود تقبل وجود حكام من السيدات، للمشاركة في الدرجة الأولى للرجال.
وتقول عطا الله التي شاركت في تحكيم كأس العالم دون 20 عاما للسيدات وبطولة الأمم الأفريقية منذ 2006 "زميلاتي الحكمات في الخارج قاموا بالفعل بتحكيم دوريات الدرجة الأولى في بلادهن فلم لا في مصر؟".
وتابعت "مستوانا لا يقل عن مستوى الحكام الرجال والقانون واحد يطبق على الجميع وقد درسناه جيدا".
وبحسب مدير لجنة الحكام في اتحاد الكرة المصري عزب حجاج، يعتمد الاتحاد "نحو 60 حكم سيدة (...) ولكن من يمارس النشاط منهن نحو 15 فقط". ومن أصل الـ 15، نالت ست سيدات الشارة الدولية.
ويوضح حجاج ان ان لا مانع من قيام السيدات بتحكيم مباريات الدرجة الأولى، ولكن "يجب أن يكون ذلك بطريقة تدريجية حتى يتقبل الجمهور الأمر ويصبح مؤهلا معنويا لذلك".
ويشير الى ان البداية قد تكون عبر اعتماد سيدات كحكام مساعدين "أما حكم الساحة فليس الآن".
من المفارقات التي تواجهها السيدات في التحكيم، ان بعض اللاعبات يفضلن وجود رجل كحكم للمباراة، بحسب حجاج الذي يقول "فرق الفتيات في الدوري ترسل لنا اعتراضات على التحكيم النسائي".
وتقول نورهان حمدي (21 عاما) احدى لاعبات المباراة الودية التي حكّمتها حسن وعطا الله "انا أفضّل كلاعبة كرة القدم ان يحكّم مبارياتي رجل".
وتشير حمدي إلى ان السيدات يتأثرن بعواطفهن "ويمكن ان يقعن في فخ محاباة الصديقات".
الا ان عطالله ترفض هذه التلميحات بصرامة، وتعتبر ان "الثقافة الرياضية في مصر تعاني من نقص الوعي بعض الشيء".
تضيف "قد لا يقبل (المشجعون ) ان تقف سيدة في الملعب وتدير المباراة ونحن يجب ان نتصدى لهذا الفكر".