عندما أحرزت إسبانيا لقب كأس العالم في نسخة 2010 بجنوب أفريقيا متسلحة بقدرة لاعبيها المتحمسين على الاستحواذ على الكرة، أضيفت قاعدة جديدة لنظريات كرة القدم ألا وهي أن الاستحواذ على الكرة يؤدي إلى تحقيق الفوز في المباراة.
وتفوقت هذه الطريقة في السيطرة الميدانية التي اتبعها فريق المدرب فيسنتي ديل بوسكي، على أسلوب التمرير الطويل وتحرك اللاعبين باتجاه الكرة الأمر الذي مكن إسبانيا أيضا من الفوز ببطولة أوروبا 2012.
ومع زيادة اعتماد الفرق على الاستحواذ على الكرة باعتباره ذروة التطور كان يفترض أن تتلاشى طرق أخرى في اللعب.
وإذا كان الأمر بحاجة لمزيد من الأدلة والبراهين فيمكن الاستشهاد بطريقة المدرب الإسباني بيب جوارديولا مع برشلونة الذي نجح في الفوز بلقب الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا.
ورغم هذا فقد علمتنا نسخة كأس العالم هذا العام في روسيا أن نسبة الاستحواذ على الكرة لم تعد قاعدة يعتد بها في كرة القدم، وما كان يعتبر في يوم من الأيام الطريق الأمثل لتحقيق الانتصارات والإنجازات يبدو الآن في طريقه للتراجع.
فخلال أحداث البطولة حتى الآن برزت ثلاثة فرق على أنها الأكثر استحواذا على الكرة وهي ألمانيا وإسبانيا والأرجنتين وكل هذه المنتخبات ودعت البطولة حتى قبل بلوغ دور الثمانية.
ووفقا لإحصائيات الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بلغ متوسط استحواذ إسبانيا على الكرة خلال مبارياتها في البطولة 69 في المئة، وارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 75 في المئة أمام روسيا في مباراة دور الستة عشر.
لكن هذه الهيمنة لم تترجم إلى أهداف أو انتصار، وعندما تم الاحتكام لركلات الترجيح لم يكن لهذه الهيمنة على مجريات اللعب أي تأثير في النتيجة النهائية للمباراة.
وبدأت ألمانيا طريقها في كأس العالم وهي تحمل اللقب لكنها ودعت البطولة من الدور الأول رغم أن متوسط نسبة استحواذها على الكرة بلغ 67 في المئة في 3 مباريات، ورغم هذا خسرت ألمانيا مباراتين وحققت فوزا واحدا بشق الأنفس على السويد في الوقت المحتسب بدل الضائع.
أما الأرجنتين فلم تكن أفضل حالا بعد أن واجهت صعوبات كبيرة في مبارياتها الثلاث الأولى لكنها تأهلت لأدوار خروج المغلوب قبل أن تخسر أمام فرنسا وتودع البطولة رغم أن متوسط نسبة الاستحواذ على الكرة بلغ 64 في المئة.
وفازت فرنسا 4-3 على الأرجنتين رغم أن نسبة استحواذها على الكرة لم تزد على 41 في المئة فقط في بعض الفترات.
ويمكن النظر إلى فوز أوروجواي على البرتغال في دور الستة عشر على أنه مثال أكثر وضوحا.
فقد امتلك فريق المدرب أوسكار تاباريز، الكرة بنسبة 39 في المئة لكنه فاز 2-1 على البرتغال، ولم تعتمد أوروجواي على الحرص على امتلاك الكرة بقدر ما اعتمدت على تطبيق خطة مثالية لتحقيق فوز صادم.
وقال تاباريز: "غالبا ما يسود هذا الاعتقاد الخاطئ بأن الاستحواذ على الكرة يؤدي إلى إحراز أهداف".
وواصل: "ولكن حتى لو لم تستحوذ على الكرة كثيرا فإن الفريق يمكنه الوصول لمرمى المنافس بطرق مختلفة".
ربما يكون من السابق لأوانه أن نحكم بنهاية نظرية الاستحواذ على الكرة لأن لديها نماذج ناجحة بشكل كبير حتى الآن.
فقد نجح مانشستر سيتي بقيادة جوارديولا في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز معتمدا على هذه الطريقة،
ومع تمكن أصغر الدول في كأس العالم من تشييد دفاعات حصينة فإن الاستحواذ على الكرة لم يعد هو السلاح الفعال في تحقيق الانتصارات كما كان في يوم من الأيام.