رغم ما يتردد كثيرا عن الفصل بين الرياضة والسياسة ، قد يكون اللقاء اليوم الخميس بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أبلغ من أي كلمة تقال عن صعوبة فصل الرياضة عن السياسة.
وشهدت الساحة الحمراء في العاصمة الروسية موسكو اليوم اللقاء بين بوتين وإنفانتينو من أجل ممارسة كرة القدم الترفيهية على هامش بطولة كأس العالم 2018 المقامة حاليا في روسيا.
ودخل بوتين إلى المتنزه الذي أقيم حديثا لتبادل تسديد ركلات الترجيح مع إنفانتينو أمام حارس مرمى كرتوني.
كما التقطت صور تذكارية لبوتين وإنفانتينو مع أساطير كرة القدم الألماني لوثر ماتيوس والبرازيلي رونالدو وعدد من النجوم الآخرين مثل حارس المرمى الإسباني إيكر كاسياس ومواطنه المدافع السابق كارلوس بويول ونجم كرة القدم الروسي السابق أليكسي سميرتن سفير المونديال الروسي الحالي ، وذلك أمام كاتدرائية سانت باسيل الشهيرة.
وتم بث كل فعاليات اللقاء بعدها بوقت قليل على القناة الأولى بالتلفزيون الروسي.
وفي الوقت نفسه ، يسدل الستار اليوم على فعاليات الدور الأول للمونديال الروسي حيث يتقلص العدد من 32 فريقا إلى 16 منتخبا فقط ما زالت في المنافسة بهدف الوصول إلى المباراة النهائية التي تستضيفها موسكو في 15 يوليو المقبل.
ومثلما تلطخت سمعة أولمبياد سوتشي 2014 الشتوي بحجم الإنفاق الهائل على استضافته والذي بلغ 50 مليار دولار وفضيحة المنشطات الروسية ، يبدو المونديال الحالي محاصرا بكبرياء بوتين وروسيا.
وكان عشرات الآلاف من المشجعين الزائرين احتفلوا في الـ11 مدينة المضيفة لفعاليات المونديال الحالي بدون إثارة أي مشاكل حقيقية.
كما لم يكن لدى المنتخبات المشاركة في المونديال أي شكاوى كبيرة ، كما جاء تأهل المنتخب الروسي صاحب الأرض إلى الدور الثاني (دور الستة عشر) ليصب في مصلحة النجاح الجماهيري للبطولة وكذلك كبرياء روسيا وبوتين.
وقال شين تاي يونج المدير الفني لمنتخب كوريا الجنوبية ، الذي ودع المونديال من الدور الأول : "أعتقد أن كأس العالم الحالية ستواصل نجاحها حتى النهاية".
كما لم يكن لدى إنفانتينو سوى الإشادة بالبطولة خلال زيارته اليوم للساحة الحمراء.
وعلق إنفانتينو قائلا : "جميلة ، رائعة ، احتفالات هائلة ، مباريات عظيمة وتنظيم متكامل وبلد مضياف" ، وهو ما لاقى إعجابا من بوتين.
وكان بوتين وإنفانتينو تبادلا الإشادة ببعضهما البعض أيضا خلال اجتماع الجمعية العمومية (كونجرس) الفيفا في 13 يونيو الحالي عشية افتتاح المونديال الروسي.
كما كان واضحا أن الرئيس الروسي لاقى استقبالا حارا في الاستاد خلال حفل الافتتاح في اليوم التالي على عكس صافرات وهتافات الاستهجان ضد ديلما روسيف رئيسة البرازيل السابقة قبل أربع سنوات في افتتاح مونديال 2014 بالبرازيل.
ولكن الانتقادات الموجهة لسياسة روسيا العسكرية في الحرب الأهلية بسوريا وكذلك واقعة تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرجي سكريبل وابنته في بريطانيا أدت أيضا إلى غياب زعماء وقادة أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية عن حضور حفل الافتتاح على استاد لوجنيكي في العاصمة الروسية موسكو.
ورغم هذا ، حضر كل من العاهل البلجيكي الملك فيليب والرئيس السويسري ألان بيرسيت مباريات لمنتخبي بلدهما في البطولة كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيسافر إلى روسيا لتشجيع منتخب بلاده حال وصل الفريق إلى المربع الذهبي للبطولة.
وفي العالم المثالي لكرة القدم ، لابد من الفصل بين اللعبة والسياسة. ولكن هذا لا يحدث لأن الرياضة تحتاج إلى رجال السياسة الذين يستغلونها في المقابل لتعزيز كبريائهم ومكانتهم.
وكانت المستشارة الألمانية التقطت صورة مع نجم المنتخب الألماني مسعود أوزيل وصدره عاريا داخل غرف تغيير ملابس المنتخب الألماني كما تورط نفس اللاعب في مسألة لقائه وزميله بالمنتخب إلكاي جيوندوجان بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما أثار ماتيوس الجدل بالظهور في حدث خيري مع الزعيم الشيشاني رمضان قديروف الذي اتهمه الناشطون في مجال حقوق الإنسان باللجوء للتعذيب والقتل.
كما أثار اختيار المنتخب المصري ، الذي يلعب له النجم الشهير محمد صلاح لاعب ليفربول الإنجليزي ، لجروزني عاصمة الشيشان كمقر لمعسكره خلال المشاركة في بطولة كأس العالم بروسيا دهشة كبيرة.
كما ثار الجدل السياسي والاجتماعي بشأن وقائع داخل أرض الملعب مثل واقعة احتفال جرانيت تشاكا وشيردان شاكيري لاعبي المنتخب السويسري ، واللذين ينتميان لأصول من كوسوفو ، المثيرة للجدل بطريقة تمثيل رمز النسر الطائر خلال مباراة الفريق أمام صربيا والتي أثارت غضب الجماهير الصربية، حيث تعد الإيماءة رمزا لشعار الحركة الألبانية ضد صربيا خلال حرب دول البلقان.
وفرض الفيفا غرامة مالية على اللاعبين.
ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد حيث تلقى إنفانتينو سؤالا عن دور الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في جذب حق استضافة بطولة كأس العالم 2026 إلى الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وطرح هذا السؤال على إنفانتينو بعد دقائق من عملية التصويت على ملف استضافة مونديال 2026 في 13 يونيو الحالي لصالح التنظيم المشترك الثلاثي ضد الملف المغربي.