الحديث عن طريقة لعب المنتخب الوطني، وفكر مدربه الارجنتينى هيكتور كوبر، أصبح متأخرا جدا، قبل أيام قليلة من لعب المباراة الأولى بكأس العالم أمام أوروجواي، فالوقت لم يعد يسمح بتغيير طريقة اللعب، أو فلسفة الرجل الراسخة فى ذهنه، ولكن تطوير أداء المنتخب بشكل عام هو ما يمكن أن نتحدث عنه أو نطالب به فى الوقت الحالي، فإن كنت تدافع بضراوة.. يجب أن تطور فكرك الهجومي، وتنقل الكرة للأمام بأقصى سرعة لتسجل هدفا.
بالتأكيد .. غياب محمد صلاح له تأثير واضح على الشق الهجومي، ولكن الوصول إلى صيغة اللعب فى سياق جماعى متنوع، من خلال تطبيق جمل تكتيكية تسمح بإختراق دفاع المنافس هو سلاح التهديف الأول، وأقل طموحات الجماهير المصرية أن نلعب كرة جيدة فيها شيئ من المحاولة والتنظيم، وأتوقف كثيرا عند نقطة التنظيم، خاصة بعد انتهاء التجارب الودية التى لعبهاالمنتخب، والتى ظهر فيها عدم القدرة على امتلاك الكرة لفترات طويلة، وفقدانها بسهولة.. واستردادها بصعوبة!
من الجيد، بل والأفضل الآن تعزيز الثقة والقدرة لدى لاعبى المنتخب، وعدم تعكير صفو تلك المرحلة الحساسة بأى حديث يعكس حالة سلبية، خاصة أن الفريق يضم مجموعة من أصحاب المهارات المتميزة، الذين يحتاجون بعض الحرية والتوظيف الصحيح، حتى يخرجوا كل ما لديهم من طاقات، بعيدا عن أية قيود أو حلول تكتيكية ليست فى محلها، فرأينا تريزيجيه الحقيقى يصول ويجول أمام بلجيكا حين لعب بحرية فى المكان الصحيح، وكيف انتعش عبدالله السعيد حين وجد من يتحرك له سريعا فى المساحات الخالية بدون كرة، كما أن عودة الننى ضبطت إيقاع الوسط متقدما وليس متراجعا فقط!.. وهنا يجب أن نتحدث عن عدة أشياء يحتاجها المنتخب قبل لقاءات المجموعة الرسمية:
أولا: يجب أن يكون الآن هو وقت المؤازرة والمساندة، لأنها تعد شجاعة، فدعونا لا نفتش عن كلمة يأس لنوزعها وننشرها على الجماهير، وكأنها كنز، لأنه فى النهاية منتخب الوطن، والجميع يجب أن يحتفل به ويودعه بحرارة قبل السفر إلى روسيا،والتجربة علمتنا أن لاعبينا يمكنهم تقديم أفضل ما عندهم بالمساندة، وهذا هو الأفضل لنا، مادمنا لا نعلم ماذا ستحمله لنا دراما كرة القدم هناك، فقد تصل بنا إلى عكس ما نتوقع، فهى لعبة لا تعترف بأية حسابات مسبقة، ولا يمكن فيها كتابة سيناريو مسبق بنهاية محسوبة فى آخر الفيلم .. فمن يدري؟!
ثانيا: ما نطالب به أن يلعب المنتخب بجدية وبروح قتالية، وأن يدرك أهمية الاستحواذ، والحفاظ على الكرة، لأن ذلك يزيد من الثقة، إلى جانب بعض الأشياء الفنية التى يرى البعض أنها تأخرت كثيرا، مثل الاستقرار على الحارس الأساسي، ومنح الجناحين التطور الهجومى المطلوب، بمزيد من الحرية لعبدالشافى الذى كان جيدا فى مباراة بلجيكا ومهاجما مع المنتخب على غير العادة، والهمس فى أذن من يلعب ناحية اليمين الهجومى بأن يشكل ثنائيا مع أحمد فتحى (الذى ينشغل كثيرا بالدفاع)، حتى نجد خطورة وانطلاقات من هذه الجهة التى تعانى حتى عودة صلاح، كذلك لابد أن تكون هناك تعليمات مستمرة تهدئ من روع طارق حامد، لأن هناك فارقا بين استخلاص الكرة من المنافس بالعنف، واستخلاصها بالسرعة والخفة والرشاقة!
ثالثا: من المهم أن تظل خطوط المنتخب محتفظة بتوزيعها وتماسكها فى أغلب فترات المباريات، ولا يحدث ذلك الرجوع المتكرر كثيرا إلى الخلف دفعة واحدة، لأن بقاء لاعبين أو ثلاثة عند المنافس سيبقى على من يراقبهم هناك، وسيقلل هذا من الضغط المكثف على المنتخب الوطنى فى حالة الدفاع، بل وسيزيد من سرعة الهجمة المرتدة حين تحدث، يضاف إلى ذلك أن الفريق ينقصه تلك الجمل الهجومية الثنائية أو الثلاثية التى تخلخل دفاعات المنافس، فلم نر تفاهما بين أصحاب الهوايات الهجومية، ونأمل فى أن نراه كى نصل بالكرة إلى المرمي، وهنا يأتى دور عبد الله السعيد وتريزيجيه، وأهمية وجودهما فى الملعب معا، بصفتهما عقل الهجوم، هذا الدور الذى يظهر فيه تنظيم آخر للفريق يتقن فيه ما يفعله حين يمتلك الكرة، حتى لا تكون مبارياتنا فى كأس العالم اختبارات جديدة للصمود .. والتصدى!!