إن زيارة مقر شركة
بانيني الإيطالية للنشر سوف تجعلك تشعر كما لو كنت قد عدت لزمن الطفولة مرة أخرى، حيث
ستطالعك وجوه لاعبي كرة القدم على ملايين الملصقات التي تتحرك على خطوط الانتاج. وعلى
مر السنين، يظل العمل كما هو، ولا يتغير سوى وجوه هؤلاء النجوم.
لقد انقضى عصر
اللاعبين من أمثال بيليه ومارادونا وكروييف وبكنباور وبست، وحلت بدلا منهم وجوه لاعبي
32 منتخبا وطنيا سوف يشاركون في بطولة كأس العالم 2018 في روسيا.
وتعتبر بانيني
أكبر شركة في العالم لطباعة الصور والملصقات في مجال الرياضة وغيرها، وهي تصدر ألبومات
لاعبي كأس العالم منذ عام 1970، ومنذ ذلك الحين، أصبح شراء الملصقات التي تحمل صور
اللاعبين واستبدالها لاستكمال تلك الألبومات محل اهتمام عدد لا يحصى من الأطفال، وربما
بعض البالغين أيضا.
ويضم ألبوم هذا
العام 682 ملصقا، وتحتوي كل عبوة على خمس بطاقات يتم وضعها بشكل عشوائي. ولذلك، فإن
احتمال تكرار الصور يزيد من صعوبة استكمال الألبوم المؤلف من 80 صفحة.
وهناك أيضا احتمال
أن تفشل بانيني في طباعة صورة لاعب يتم اختياره في اللحظة الأخيرة للانضمام إلى أحد
المنتخبات المشاركة في كأس العالم، أو أن تطبع صورة لاعب يتم استبعاده من القائمة النهائية
لمنتخب بلاده.
ويقول فابريتسيو
ميليجاري مدير تحرير مجموعة بانيني: "إننا نقوم بأصعب مهمة في العالم، حيث يتعين
علينا أن نفكر برؤوس 32 مدربا مختلفا".
وتبدأ عملية عصف
الذهن التي تقوم بها بانيني بمجرد انتهاء بطولة كأس العالم السابقة، وعلى مدار أربع
سنوات، تقوم الشركة، الشهر تلو الآخر، بمتابعة المنتخبات الوطنية لقرابة خمسين دولة،
وتجري تقييما لإداء اللاعبين وتتباحث مع الصحفيين المحليين وخبراء كرة القدم.
وأضاف ميليجاري:
"إنها عملية طويلة للغاية حافلة بالصعوبات والاحباطات".
ويوضح أن نسبة
الخطأ في الاختيار تصل إلى حوالي 12 بالمئة، مضيفا أنه في حين أن التنبؤ بلاعبي المنتخب
الإيراني كان صعبا هذا العام، إلا أنه كان واثقا بشأن تشكيل المنتخب الألماني حامل
اللقب.
ويقول ميليجاري
بشأن قائمة اللاعبين التي تنبأت بها بانيني، وهي المجموعة التي اتفق عليها معظم الخبراء:
"هؤلاء هم اللاعبون الذين سوف يتم اختيارهم" بواسطة المدرب يواخيم لوف.
وتضم القائمة المؤلفة
من 18 شخصية، لاعبون مخضرمون شاركوا في بطولة كأس العالم 2014 من أمثال ماريو جوتزه
ومسعود أزويل بالإضافة إلى وافدين جدد موهوبين مثل جوشوا كيميش وجوليان براندت. وأشار
ميليجاري إلى وجوهم المبتسمة التي تظهر على البطاقات قائلا: "لابد أن هذه الصور
قد التقطت لهم في اليوم الذي عرفوا فيه بأنهم من بين المرشحين للمشاركة في كأس العالم".
وذكر أن اللاعبين
البرازيليين يبدون بائسين بالمقارنة بالألمان، وقال مداعبا أنهم مازالوا يشعرون بالحسرة
بسبب ضعف أدائهم قبل أربع سنوات خلال بطولة كأس العالم التي أقيمت على أرضهم. ولكنه
أكد أن صفحة منتخب البرازيل في ألبوم الملصقات الجديد هي كالعادة الأكثر بهجة وألوانا.
ويتم تصنيف الملصقات
وتغليفها في مودينا، وكذلك في مصنع شركة بانيني في مدينة ساو باولو البرازيلية. ويقول
جيوسيبي تاجليافيني مدير الانتاج بالشركة إن عملية الانتاج في الموقعين تجري على قدم
وساق، موضحا أن أوروبا وأمريكا الجنوبية هي أهم الأسواق بالنسبة للملصقات التي تتوافر
في 130 دولة.
ولم يكشف تاجليافيني
عدد البطاقات التي يتم طباعتها أو أرقام المبيعات السابقة، أو أفضل الألبومات مبيعا،
ولكنه قال إن بطولتي كأس العالم في عامي 2006 و2014 في ألمانيا والبرازيل بالترتيب،
كانتا مثمرتين للغاية بالنسبة للشركة.
وتأسست الشركة
عام 1961 بواسطة جيوسيبي بانيني، وهو الأكبر من بين أربعة أشقاء، وانضم إليه شقيقه
بينيتو في نفس العام قبل أن يلحق بهما الشقيقان أومبرتو وفرانكو عام .1963 وكان الأشقاء
الأربعة قد أقاموا كشكا لبيع الصحف في المنطقة التاريخية بمدينة مودينا عام 1945، ثم
أنشأوا وكالة لتوزيع الصحف عام 1954.
وبجانب نشاطها
في مجال طباعة البطاقات والملصقات، تعتبر بانيني من كبرى دور النشر المتخصصة في طباعة
مجلات وكتب الأطفال فضلا عن المجلات والروايات المصورة في أوروبا وأمريكا اللاتينية.
وفي المقر الإداري
للشركة في المبنى المجاور، يستعرض ميليجاري صفحات ألبومات كأس العالم من السنوات الماضية،
مثل كأس العالم في المكسيك عام 1986 والأرجنتين عام 1978.
وتبدو صور اللاعبين
الآن أكثر إتقانا في إعدادها، حيث عادة ما ينظر اللاعبون في نفس الاتجاه وكذلك بشكل
مباشر نحو عدسة الكاميرا، كما تبدو خلفيات الصور موحدة. ويقول ميليجاري إن الفرق تعلق
أهمية كبيرة في هذه الآونة على طرق تصفيف الشعر بدلا من أوضاع التصوير "البطولية"
التي تجعل صور اللاعبين يبدون مثل صور المقاتلين.
وطرحت شركة بانيني
ألبوم صور "رقمي" لكأس العالم 2018، وأتاحت الفرصة لجماهير الكرة لتحميل
صور اللاعبين عبر الانترنت، ولكن من المستبعد أن يحل الألبوم الافتراضي الجديد محل
الألبوم الورقي الأصلي في المستقبل القريب.
ويقول ميليجاري:
"فيما يتعلق بالمفهوم، فهو نفس المنتج الذي تم طرحه في الستينيات، ولكن الإثارة
تكمن في ما إذا كنت سوف أعثر على بطاقة اللاعب الألماني توماس مولر على سبيل المثال،
وكذلك في رائحة الورق المطبوع حديثا، وفي فض أغلفة عبوة الملصقات، ورغم أن ذلك ليس
له صوت يذكر إلا أن له وقع الموسيقى لدى عشاق كرة القدم، علاوة على الشعور بالسعادة
عند رؤية صور اللاعبين، فنحن لا ينقصنا لإشباع الحواس الخمس سوى أن يأكل المستهلك بطاقات
اللاعبين".