لا يجرؤ أحد في الوقت الراهن على أن يشكك في مرور نادي ريال مدريد الإسباني لكرة القدم بأزمة، وأصبح التشخيص الدقيق هو الخطوة الأهم قبل إيجاد الحلول وصيغة التعامل مع هذه اللحظة الخطيرة التي يمر بها النادي، والتي يتحمل مسؤوليتها الجميع سواء المدرب أو اللاعبون أو مجلس الإدارة.
وكانت مباراة ريال مدريد أمام ليجانيس أمس، مشهدا كاشفا لحقيقة ما يحدث داخل فريق المدير الفني الفرنسي زين الدين زيدان.
وفجر ليجانيس مفاجأة من العيار الثقيل وأطاح بالنادي الملكي من منافسات بطولة كأس ملك إسبانيا ،في مباراة كشفت عورة الفريق حامل لقب الدوري الإسباني أمام جماهيره التي ضجت عن أخرها من سقطاته المتتالية.
واعترف زيدان، في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء، بإخفاق فريقه في الوقت الذي كانت الكلمات لا تطيق أن تخرج من فمه، معترفا بأنه المسؤول عن كل شيء.
وبطبيعة الحال كانت تعليقات الصحف الإسبانية الصادرة اليوم غير رحيمة بالنادي الملكي ولاعبيه، ففي الوقت الذي كانت تتحدث فيه صحيفة "ماركا" عن وجود "اختناق" داخل الفريق، استخدمت نظيرتها "أ س" كلمة "انتحار" لوصف مسيرة هذا الفريق الذي أنهى الموسم الماضي محققا خمسة ألقاب.
ويتلخص الواقع المرير الذي يعيشه ريال مدريد في النقاط التالية: - يبتعد عن برشلونة متصد الدوري الإسباني بـ 19 نقطة.
- خرج من منافسات بطولة كأس ملك إسبانيا. - - في ظل تردي حالته الفنية تنتظره مواجهة مصيرية أمام باريس سان جيرمان الفرنسي في دور الستة عشر لبطولة دوري أبطال أوروبا الشهر المقبل.
وأشارت جماهير ريال مدريد في مباراة أمس على ملعب سانتياجو بيرنابيو بأصابع الاتهام للجميع، فلم يعد زيدان قديسا غير جائز المساس به بعد اليوم، فقد أطلقت هذه الجماهير الغاضبة وابلا من صافرات الاستهجان معترضة على قراره بإخراج اسكو من الملعب.
كما أبدت اعتراضها أيضا على قراره باستبعاد جاريث بيل، اللاعب الذي كان يستطيع أن يقدم بعض المساعدة في لقاء أمس.
وانتقدت الجماهير أيضا الخطة الفنية التي اعتمد عليها زيدان وتشكيلته، التي اعتبرتها غير مناسبة لمباراة بدور الثمانية لبطولة كأس الملك.
ولا توجد ما يشير أو يدلل على إمكانية الإطاحة بزيدان من منصبه، ولكن هذا لا يعني أن مجلس إدارة ريال مدريد لا يفكر في مسألة رحيله، فإن لم يكن هذا خلال الموسم،فسيكون مع نهايته.
وأثار زيدان نفسه الشكوك حول مصيره عندما رد على سؤال أحد الصحفيين أمس حول ما إذا كان يخاطر بمنصبه في مباراتيه المقبلتين أمام باريس سان جيرمان، حيث أجاب المدرب الفرنسي قائلا: "هذا واضح للغاية".
ولم ينج اللاعبون أيضا من مقصلة الجماهير التي لم تتسم بالرحمة في انتقاداتها لهم، وخاصة الثنائي أشرف حكيمي وماركوس يورينتي، اللذين نالا قدرا كبيرا من صافرات الاستهجان عند خروجهما من الملعب، رغم عدم منطقية تحميل اللاعبين الشباب مسؤولية هذا السقوط المروع.
هذا بالإضافة إلى الوافد الجديد ثيو هيرنانديز، الذي نال حظه أيضا من الصافرات، كما هو الحال مع كل من كريم بنزيمه وماتيو كوفاسيتش وأخرين.
ومن الصعب في الوقت الراهن إيجاد لاعب بين صفوف ريال مدريد يتمتع بالمستوى الفني، الذي كان عليه في الموسم المنصرم، في الوقت الذي يهرع فيه لاعبون مثل ماركو أسينسيو وكارلوس كاسميرو وكريستيانو رونالدو بشكل محموم نحو المزيد من التردي والسقوط.
"ارحل ارحل"، كانت هذه هي هتافات الجماهير الغاضبة التي تلقتها مسامع رئيس ريال مدريد، فلورينتينو بيريز، مع صافرة نهاية المباراة.
وكان رونالدو قد قال في تصريحات سابقة: "الفريق أسوأ من الموسم الماضي".
وتحمل كلمات رونالدو قدرا كبيرا من الحقيقة فقد توقف النادي الإسباني بشكل كامل تقريبا عن عقد صفقات شراء لاعبين جدد منذ موسمين، كما سمح برحيل لاعبين من العيار الثقيل خلال الفترة الماضية مثل الفارو مورتا وخاميس رودريجيز وماريانو وبيبي.
وكما هي العادة في أوقات الأزمات، امتلأت الصحف بالتكهنات حول الصفقات الجديدة لريال مدريد، وبرزت في هذا الإطار بعض الأسماء مثل نيمار وهاري كين ودافيد دي خيا.
ولكن الأمر الأهم هو تحقيق الفريق المكلوم لإنجاز أمام باريس سان جيرمان في دوري الأبطال والفوز بالمركز الرابع على الأقل في الدوري المحلي لضمان المشاركة في البطولة الأوروبية في الموسم المقبل، ورغم ذلك لا يبدو أن أيا من هذا أمر مضمون أو قابل للتحقيق مع الوضع الراهن لريال مدريد.