تخطي الأهلي برفقة مديره الفني "العبقري" رينيه فايلر، نصف الطريق نحو نصف نهائي أميرته السمراء، التي عاندت ملكها، رغم الخضوع له عدة مرات، ولكنها ضلت الطريق أخر سنوات، ورفضت أن تخضع للمرة التاسعة.
"الشوط الأول شوط لاعبين والثاني للمدربين" مقولة يعترض عليها الكثير، ولكن مع السويسري رينيه فايلر ثبُتت مدي صحتها، مع الـ45 دقيقة الثانية، للمباراة، كانت تحت أمر "العبقري" فايلر، والذي قدم درسًا قاسيًا لمنافسه صن داونز، في كيفية التحول واستغلال نقاط ضعف الخصم في أقل وقت وتحقيق نتيجة قوية.
تيقن "العبقري" فايلر من عدم القدرة على اغتيال خصمه موسيمياني، عن طريق الأطراف، وتم إهداء كافة الإرسالات العرضية لحارس الخصم ودفاعات صن داونز، وبعد مراجعته مع طاقم تحليله للثغرة الكبرى في عمق دفاعهم حول استراتيجيته من اللعب العرضي للإختراق الأرضي من العمق وضرب ظهر الFull Backs ماديشا وليبوسا.
نجح فايلر في تطوير التكتيك الخاص بـ"معلول" وتحركاته، وذلك من اللعب الخارجي على الأطراف، إلي التحركات القُطرية والتحضير مع النيجيري أجاي، والذي ضم قليلا للعمق كمهاجم أيسر لخلق كثافة عددية مع مروان ثم بادجي وأفشة ووليد.
وبكل بساطة وجد فايلر أن الأزمة التي قابلها في الـ45 دقيقة الأولي، غير واقعية ووهمية، وبتدخله التكتيكي، والضغط على القدم العاجزة لكتيبة موسيمياني، إنهارت منظومته وظهرت المساحات واكتشفت الثغرات وبات الأهلي مقيما في مربع عملياتهم، وكرر معلول لعبة الهدف الأول أكثر من مرة وكاد أن يفعلها ثانيا وثالثا.
تكتيك فايلر ظهر واضحًا، في الـثالوث "معلول وأجاي وبادجي"، وهو الحل السحري والضاغط والمرعب على دفاعات صن داونز، لكن عاب كثرة سقوط بادجي وإبتعاده عن مناطق الخطر، وعلى أي حال المهاجم السنغالي قدم ومضات بدنية وفي صراع الإلتحامات مخيفة لكن أغلبها طرفا، لعلها تتعمق على أرض بريتوريا.
ولكن كالعادة، عاد "جونيور أجاي" كبيرًا في الليالي الحاسمة، حيث قدم النيجري ملحمة فنية وبدنية سحرية، فهو اللاعب القادر على الريمونتادا لنفسه، وذلك من النقيض للنقيض خلال الـ90 دقيقة، إرتدى ثوب الإجادة ودفع هجوم الأهلي العاجز دفعا، وهو المحطة الأولى التي إرتكز عليها الفريق، وهو النقطة التي منها صال معلول وأرسل ١٧ عرضية وإخترق دفاعاتهم مرات.
حينما تسأل عن السر، في أقل نسبة استحواذ وأقل معدل تمريرات وعدد محاولات على المرمي، للفريق الذي لم يهزم إفريقيًا ؟ أعلم أن هناك على دائرة الأهلي الثنائي المجهول "السولية وديانج"، خاصة ديانج صاحب لقب "كينج الريباوند"، والذي إقتنص ما يقارب المائة في المائة من الإلتحامات المشتركة والكرات الثانية.
أما عن غياب الربط بين الـZone 14، أو أفشة على وجه التحديد، فكان صاحب الرقم 19 هو سلاح 48 الفاسد، الذي أبطل تكتيك فايلر، وبعد بحث فايلر، استدل على ثغرة وهي غياب الربط بين قلب دفاع صان داونز ووسط ملعبهم بجانب عجز أونيانجو مع التصويبات الأرضية، أفشة أول من بادر ذهن فايلر ووكل إليه هذه المهمة لكنه خذله وتفنن في إفساد ما خطط إليه مدربه.
أما عن ياسر إبراهيم هو ذلك الوجه الأخر لكل من هو أحمر، هو كاسحة ألغام الأهلي، ومنظف منطقة الـ18 للقلعة الحمراء، صمام أمان الكتيبة الحمراء في حضرة السويسري "فايلر"، غطى كثيرا على معلول ومتولي والذي أعاد إتزانه داخل الملعب بعد أول الدقائق وشكل ثنائية متينة مع ياسر في ذلك الموقع من الملعب والذي لطالما كان النقطة التي تنطلق منها خصومنا قاريا.
ومن هنا، أقلعت طائرة نسر الأهلي، من ملعب التتش إلي بروتوريا، من أجل أن يكتب خروجهم وتمتلكهم الحسرة على ذات الأرض التي إنهالوا عليها فرحا بدلا من المرة خمس في غفلة من الزمن، التاريخ ينتظر ليعيد الأمور إلى نصابها.