أنفق نادي باريس سان جرمان الفرنسي لكرة القدم، المملوك من هيئة قطر للاستثمارات الرياضية، أكثر من 400 مليون يورو خلال فترة الانتقالات الصيفية لعام 2017، بحثا عن لقب تفتقده خزائن البطل السابق للدوري الفرنسي: دوري أبطال أوروبا.
خلال أسابيع، أبرم النادي أكبر صفقتين في تاريخ اللعبة: البرازيلي نيمار من برشلونة الاسباني لقاء 222 مليون يورو، وكيليان مبابي من موناكو الفرنسي، في صفقة قدرت قيمتها بنحو 180 مليونا. وإضافة الى البعد المالي والتسويقي لصفقتين من هذا الحجم، يبدو النادي ومالكوه مصممين على إحراز لقب البطولة القارية الأغلى.
بحسب رئيس النادي القطري ناصر الخليفي ووسائل إعلام برازيلية، تابع 85 مليون برازيلي احتفال تقديم نيمار (25 عاما) لمشجعي النادي الفرنسي مطلع أغسطس، في استقطاب عالمي غير مألوف بالنسبة الى نادي العاصمة الفرنسية.
لم يكتف النادي المملوك قطريا منذ العام 2011، بهذه الصفقة الضخمة، بل أتبعها بضم الموهبة الشابة مبابي (19 عاما). وقبل نيمار ومبابي، كان سان جرمان قد ضم أيضا البرازيلي داني ألفيش من يوفنتوس الايطالي، "سارقا" اياه من مدربه السابق في برشلونة جوسيب غوارديولا وناديه الحالي مانشستر سيتي الانكليزي، المملوك من جهته من الوزير الاماراتي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.
وبحسب تقديرات شركة "ديلويت"، قد يكون سيتي الوحيد الذي فاق إنفاقه على التعاقدات في صيف 2017، إنفاق سان جرمان. وفي حين بدأ سيتي بحصد ثمار التعاقدات الجديدة بهيمنة كبيرة على الدوري الانكليزي وأداء قوي أوروبيا، يضع سان جرمان المسابقة القارية نصب عينيه، بعد هيمنته لأعوام على الدوري المحلي.
على الساحة الأوروبية أيضا، يجد سان جرمان نفسه في موقع المتهم بخرق قواعد اللعب المالي النظيف، وهو يخضع لتحقيق من الاتحاد القاري للعبة، قد يؤدي - بحسب خلاصاته - الى فرض عقوبات بحقه يمكن ان تبلغ حد حرمانه من المشاركة في المسابقات القارية.
ووضع الاتحاد قوانين اللعب المالي النظيف في العام 2010 خلال عهد رئيس السابق الفرنسي ميشال بلاتيني، بهدف أساسي هو الحد من خسائر الأندية جراء الانفاق المفرط، وألا يعاني النادي من عجز يفوق 30 مليون يورو خلال فترة ثلاثة أعوام. وفي حين سبق للاتحاد ان عاقب النادي الفرنسي بسبب مخالفة مماثلة في 2014، قد يواجه نادي العاصمة عقوبات أشد في حال ثبت ارتكابه لمخالفة جديدة.
وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيطالية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أكد الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي السلوفيني ألكسندر تشيفيرين ان في امكان سان جرمان "التحرك بحرية خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة"، أي في يناير.
وفي تصريحات لوكالة فرانس برس، أكد مسؤولون في الاتحاد ان الأخير لم يتوصل بعد لخلاصة في القضية، وان القرار سيتخذ على الأرجح في مهلة ما بين فترة الانتقالات الشتوية وبداية الموسم المقبل.
على المستطيل الأخضر، يبدو النادي مركزا على أدائه أكثر من أي أمر آخر. ثلاثي الهجوم نيمار، مبابي، والأوروغواياني إدينسون كافاني، يحقق المطلوب في هز شباك المنافسين، ومنهم بايرن ميونيخ الألماني الذي خسر بثلاثية نظيفة على ملعب "بارك دي برانس" في باريس في دور المجموعات لدوري الأبطال، في هزيمة أفضت الى الإطاحة بالمدرب الايطالي للنادي البافاري الايطالي كارلو أنشيلوتي.
وفي تصريحات الأسبوع الماضي، قال الاسباني أوناي إيمري مدرب سان جرمان ان على الفريق العمل على تحسين بعض الثغر، الا انه "خلال المرحلة الأولى، حقق الفريق الأهداف المطلوبة، بأن يتصدر ترتيب مجموعته في دوري الأبطال، ويتصدر ترتيب الدوري المحلي مع فارق مهم" يبلغ حاليا تسع نقاط عن موناكو حامل اللقب.
الاختبار الأبرز لباريس سان جرمان المتجدد سيكون في فبراير ومارس المقبلين، في الدور ثمن النهائي لدوري أبطال أوروبا، عندما يواجه في مباراتي ذهاب وإياب، حامل اللقب في الموسمين الماضيين ريال مدريد الاسباني، بقيادة مدربه الفرنسي زين الدين زيدان.
وعلى رغم ان النادي الملكي لم يكن في أفضل أحواله في الأسابيع الأخيرة من نهاية العام لاسيما في الدوري المحلي حيث يكتفي بالمركز الرابع بفارق 14 نقطة عن المتصدر برشلونة، إلا ان حسابات مواجهة دوري الأبطال ستكون مختلفة، لاسيما وان ريال هو حامل الرقم القياسي في عدد الألقاب الأوروبية (12 مرة).
ويرى إيمري ان هذه المواجهة ستكون "مركز عالم كرة القدم" في المرحلة المقبلة، علما ان النادي الفرنسي يأمل في ألا تتكرر تجربته الدراماتيكية الموسم الماضي، عندما تقدم ذهابا على برشلونة 4-صفر في ثمن النهائي، قبل ان يقصى من الاياب بخسارته 1-6، في مباراة كان اللاعب الذي أدى دورا حاسما فيها... نيمار نفسه.