كرة القدم هي اللغة التي يتحدث بها العالم أجمع، وتكاد تكون أكثر لغات العالم إنتشارا، لذلك فمن الصعب تخيل أن يحدث الإحتكار للعبة التي تمثل الماء والهواء لكل الطبقات في العالم، وبخاصة في قارة أفريقيا التي تمثل كرة القدم فيها الترفيه الوحيد للشباب.
ومن هنا كان رد الفعل كبيرا على قرار الإتحاد الأفريقي "كاف" بفسخ التعاقد مع شركة لاجاردير الفرنسية، المالكة لحقوق بث وتسويق بطولات الكاف وهو الأمر الذي أوضح بقوة كيف كانت تدار الأمور داخل الإتحاد الأفريقي في عصر الفساد الذي قضاه الكاميروني عيسى حياتو وكنا نشير به خلال توليه للمنصب.
فمن الصعب ان نتخيل أن الكاف يوقع عقدا في عام 2017 لإحتكار حقوق بث كل بطولات أفريقيا على مستوى الأندية والمنتخبات حتى عام 2030 في وقت كان حياتو قد قضى 30 عاما جاثما على صدر الكرة الأفريقية، فكيف به يوقع عقدا لهذه المدة القادمة في عصر يشهد تغيرات كبيرة كل يوم وليس كل عام، ولذلك ثارت العديد من الشبهات حول الرئيس السابق للكاف وسكرتيره العام هشام العمراني
ويعود الفضل في قرار الكاف الأخير لهيئة المنافسة المصرية "ECA" التي أعدت تقريرا في عام 2017، يفيد بأن الاتفاقية خرقت قواعد المنافسة المصرية بعد أن تم تعيين لاجاردير كوكيل حصري للكاف لحقوق التسويق والإعلام لمدة 20 عامًا متواصلة بدون أي مزايدة مفتوحة لتحديد الحاصل على الحقوق، وبعدها أعلنت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا أن الاتفاقية باطلة بناء على التقرير المصري ووقتها فرضت قرارا بفسخ العقد.
وما أكد صدق القرار أن المحاكم المصرية بعدها أصدرت حكمين قضائيين بعد النحقيقات التي أثبتت أن حياتو والعمراني إخترقا قواعد المنافسة وزورا في العقود التي منحت الشركة الفرنسية الحقوق، وبالتالي وقعت غرامة قدرها 500 مليون جنيه على كل منهما قبل تخفيضها بعد الاستئناف إلى 200 مليون جنيه ولك أن تتخيل حجم الإستفادة التي عادت على الشخصين حتى يتم توقيع غرامة بهذا الحجم.
المهم في هذه الفضية هي تلك العقود الجائرة التي تجعل جماهير الكرة في دول أفريقيا وبخاصة في مصر التي تعتبر ثاني أكبر دولة في القارة من حيث الكثافة السكانية بعد نيجيريا لا تستطيع مشاهدة المباريات القارية التي تقام على أراضيها وتحرم من متابعة المتنفس الوحيد للسواد الأعظم فيها وهو مشاهدة المباريات.
إلغاء التعاقد يفتح المجال الآن للكاف لإعادة هيكلة بث مباريات كرة القدم بشكل عادل في كل أنحاء العالم وليس أفريقيا فقط بما فيه صالح الكرة الأفريقية ويعود عليها بالنفع، وأقترح هنا عدة بنود لحل تلك القضية، وأولها إلغاء الإحتكار الذي اصبح محظورا في العالم الآن لأنه يجعل المحتكر متحكما تماما في أسعار السوق كما حدث من قبل في الكثير من السلع في مصر عندما تم إحتكارها من أشخاص محددين، ويكون ذلك بمنح حقوق البث والإعلان لعدد كبير من الشركات بناء على مزايدة تحصل فيها الشركات التي تقدم أكبر عطاءات على الحقوق.
والبند الثاني هو منح تلك الحقوق لجهات في أماكن جغرافية مختلفة بحيث يتم بيع الحقوق مثلا في مناطق بعيدة عن أفريقيا مثل أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وأقصى شرق آسيا وكلها أماكن تهتم بمتابعة لاعبي القارة المنشرين الآن في كل قارات العالم.
والبند الثالث هو إتاحة الفرصة للمشاهد في القارة لإختيار الشركة التي يرغب في المتابعة من خلالها وبالتالي سيخلق ذلك أجواء رائعة من المنافسة بين العديد من القنوات التليفزيونية وسيعود ذلك على المشاهد الذي سيختار بالتأكيد المكان الذي يرغب من خلاله المشاهدة طبقا لجودة الصورة والمعلق والإستديوهات التحليلية والتغطية الإعلامية وخلافه، ولن يكون مجبرا كما يحدث الآن على المشاهدة عبر شاشة واحدة أيا كان محتواها الإعلامي.
[email protected]