ما لا تعرفه عن| مدرب ريال مدريد الذى بدأ مهمته بمباراة من 6 دقائق فقط

الثلاثاء 05/نوفمبر/2019 - 03:44 ص
كتب: وليد الصياد
فاندرلي لوكسمبورغو
فاندرلي لوكسمبورغو وزين الدين زيدان
"أيها المدرب أين انت ذاهب في اوروبا ، إجازة؟ قالا لى
اجبتهم " انا قادم لتدريبكما في الريال.

عبر حوار صحفى مترجم، يخبرنا فاندرلي لوكسمبورغو بقصته الشخصية وكيف درب ريال مدريد وتفاصيل أغرب مباراة لمدرب جديد فى إسبانيا، وكيف تعامل مع نجوم بحجم رونالدو وزين الدين زيدان، ومكالمته الفارقة مع فلورنتينو بيريز رئيس الملكي.

دعونا نعيش مع قصة المدرب البرازيلي الذي وصل للمجد سريعًا.

"ست دقائق فقط"

ربما كان اول ظهور لي مدربًا لفريق ريال مدريد الأغرب بمسيرة أي مدرب وليس فقط مدربي الفريق الإسباني.

كان مقررا أن يخوض ريال مدريد مباراته ضد ريال سوسيداد ، او ما يمكن تسميته بما تبقى من تلك المباراة ، قبل بضعة أسابيع توقف اللقاء بسبب تهديد زائف بوجود قنبلة في ملعب السانتياغو بيرنابيو فتوقت اللعب والنتيجة تشير إلى التعادل 1-1 في الدقيقة 84 امام مدرجات مليئة بالمشجعين تم إخلاؤهم وعادوا لمنازلهم وكذلك الحال للاعبي الفريقين .
عاد اللاعبون مجددا للميدان بعدها بأسابيع وكنت بين موعدي المباراتين – الأولى التي توقفت والثانية التي سيتم استئنافها- قد امضيت عقدي مدربا مع الفريق الملكي.

( مدرب بسبب الإصابة)

قبل ان أحدثكم عن تلك المباراة دعوني ارجع بكم بالزمن إلى سنوات طويلة قبل ذلك اللقاء ، مسيرتي كمدرب بدات كما الكثيرين بعد نهاية مبكرة لمسيرتي كلاعب ،
كنت قد حصلت على شهادة جامعية في التربية البدنية من خلال الدراسة وانا امارس كرة القدم كلاعب محترف لعدة سنوات ثم تعرضت للإصابة في ركبتي، الأربطة تضررت فقررت الاعتزال ولم تسر عملية التعافي بشكل جيد لانه في ذلك الوقت لم تكن العلوم الطبية متطورة كما هو الحال الان .
مباشرة بعد اعتزالي اللعب تلقيت عرضًا لاصبح مساعدًا للمدرب أنتونيو لوبيز في فريق اميركا في مدينة ريو دي جانيرو حيث بقيت في منصبي لثلاث سنوات ومن تلك البداية انطلقت مسيرتي في عالم التدريب بدون تخطيط مسبق للامر.

(السليساو)

مسيرتي كمدرب تنقلت فيها جلوسًا وقيامًا عن المقعد الفني بين عدة اندية في البرازيل قبل ان أتولى تدريب منتخب البلاد : السليساو وهو امر يعتبر بمثابة أعلى درجة ممكنة لمدرب في موطني ويطمح كل مدرب برازيلي لتوليه.
مع منتخب البرازيل فزنا بلقب كوبا اميركا في 1999 بعد مسيرة بلا هزيمة في البطولة تلك وانتصرنا بالنهائي على اوروغواي 3-0 واعتبر تلك واحدة من أهم المباريات في مسيرتي ، ذلك اللقب اعاد الثقة للبرازيل كالفريق رقم 1 في قارة اميركا الجنوبية وجعلنا نفكر بالمنافسة على لقب كأس العالم الذي فزنا به بعدها بثلاث سنوات بقيادة المدرب سكولاري .

(الطائرة مع رونالدو وربرتو كارلوس)

أعود بكم الآن إلى مسيرتي مع ريال مدريد ، احد عمالقة كرة القدم في العالم وهو نادي لم احلم بأن أرى برازيليًا يتولى تدريبه وهو ما يجعل حتى كتابة هذه الأسطر الوحيد من بلادي الذي قام بتدريب لوس بلانكوس كما يلقبون.

اتذكر عندما تلقيت رغبة الريال بالتعاقد معي في اواخر عام 2004 وهو ما جعلني أشعر بالدهشة لتلقي هذه الفرصة الفريدة من نوعها والتي لا يمكن قول لا لها.

أبقيت امر العرض سرًا مكتومًا فلم أخبر به حتى اللاعبين البرازيلين في فريق الريال وهما روبرتو كارلوس ورونالدو واللذان امتلك علاقة جيدة معهم منذ ان كنت مدربًا لهم في المنتخب ،
اكتشفا الأمر عندما التقينا معا في المطار ونحن في طريقنا لركوب الطائرة المتجهة إلى مدريد ، كانوا في طريق العودة لناديهم بعد عطلة اعياد الميلاد
"أيها المدرب أين انت ذاهب في اوروبا ، إجازة؟ قالا لي
اجبتهم " انا قادم لتدريبكما في الريال "
شعرا بالصدمة وهو تماما الشعور الذي احسست به – الصدمة – في اولى مبارياتي كمدرب للفريق في الدوري الإسباني.

( مرروا لزيدان ورونالدو)

كما قلت لكم فإن مباراتنا امام سوسيداد توقفت بسبب ذلك التهديد الزائف بالقنبلة بالملعب ثم وجدنا انفسنا مجددا نعود لاستكمال الدقائق الست المتبقية ومهمتي الأولى مع فريقي الجديد هي تحفيز اللاعبين ذهنيا لخوض ست دقائق باحثين عن الفوز،
التحضير كان مكثفا إنت تمتلك أقل من عشر دقائق للعب وللفوز وكان يتوجب ان ندخل الميدان بجاهزية 100 بالمئة من اول ثانية .

في غرفة الملابس قلت للاعبين بكل بساطة " إن أردنا الفوز يجب ان تمرروا الكرة إلى زيدان ورونالدو" الأمر لا يحتاج إلى كثير من الحديث التكتيكي او الأسلوب الخططي " أرسلوا الكرة للفرنسي والبرازيلي",
كنت أدرك بان كلا اللاعبين يمتلك قدرة استثنائية قادرة على حسم مباراة من هذا النوع الفريد من نوعه وهو ما ادرك أيضا بقية زملائهمان امكنك سماع صوت طنين مختلف في الملعب كلما وصلت الكرة إلى زيدان او رونالدو دي ليما وبأقادمهما فن كل شيء يصبح ممكنا مع الكرة .
وصلت الكرة الى رونالدو وبمهارة فردية نجح بكسب ضربة جزاء والتي تقدم لها زيدان ونفذها بنجاح ، الشعور الذي غمرني في تلك اللحظة كان استثنائيا، لقد فزنا.

( كل شيء كبير في ريال مدريد)

كل شيء في ريال مدريد هو مميز ومختلف عن البقية ، الحجم الكبير للنادي يجعل أي
حدث فيه يتحول إلى شيء ضخم في ردود الفعل : سواء الأمر الجيد او السيء.
ذلك كان الأمر يحتاج إلى وقت للتأقلم أكثر ورغم الاعتقاد السائد فان كرة القدم فعلا مختلفة بين أمريكا الجنوبية عن اووربا ولكل منهما مميزاتها ويجب عليك العمل بشكل تدريجي للانتقال من واحدة للأخرى.
هنالك أيضا اختلافات في اللاعبين ، صحيح ان كرة القدم هي لغة عالمية لكن ثقافة اللعبة مختلفة ، لاعب إسباني لا يؤدي "العمل" مثلما يؤديه لاعب برازيلي او ايطاليا ولكل منهم طريقة مختلفة في تادية مهامه وجزء من ذلك يعود للمكان الذي نشاء فيه كرويا وتعلم اللعبة.

(الأمم المتحدة)
إن دخول غرفة الملابس في ريال مدريد أشبه بمن يخطو إلى قاعة في منظمة الأمم المتحدة في نيويورك ويجب عليك أن تكون متاكدا من قدرة اللاعبين على تلقي تعليماتك ، لاعبون من جنسيات مختلفة وعليك ان تقدم شرحك الفني بشكل سريع، بالعكس مما ذكرت وسائل الأعلام لاحقا فإنني لم اواجه أي مشاكل مع أي من لاعبي الريال، فهموا تماما ما كنت اطلبه منهم وهو ما اكده لي زين الدين زيدان برسالة نصية على هاتفي بعد مغادرتي لمنصبي.

(رسالة زيدان)
في رسمي الفني وضعت زيدان متاخرا عن راوول وورنالدو دي ليما وعدد من اللاعبين السريعين من حوله.
"أيها المدرب ، غنه من العار أنك مضطر لمغادرة ريال مدريد، لقد تعلمت الكثير منك وانت وضعتني في مركز يشابه ما جعلني أفوز بلقب كاس العالم مع فرنسا" كانت رسالته النصية.

خلال مسيرتي مع ريال مدريد فزت بأول سبع مباريات لي بمنصبي لكن لعل تلك الرسالة النصية من زيدان على هاتفي المحمول هي أفضل من تلك الانتصارات بالنسبة لي.
المشكلة الأساسية كانت قلة المتاح للعمل مع اللاعبين والاستعجال المتواصل لتحقيق النتائج واللعب بشكل جيد وهو ما جعلني دوما تحت ضغط مستمر.

(الرحيل بعد انتصار)

رحيلي عن منصبي جاء بعد نقاش مع رئيس النادي فلورينتينو بيريز بعد مباراة بالدوري أمام خيتافي ، وجدنا نفسنا نلعب منقوصين بعد تلقي ديفيك بيكام لبطاقة حمراء عندما كنا متقدمين 1-0 فقررت اخراج رونالدو وتقوية الجانب الدفاعي في الدقيقة 87 وهو ما لم يعجب جمهور البرنابيو لان رونالدو كان اللاعب الاول بنظرهم ولم يعجب الرئيس بيريز كذلك.
تلقيت اتصالا من الرئيس بعد المباراة
"لماذا استبدلت رونالدو؟" سألني
"رونالدو قدم كل ما لديه " كان جوابي ، " والمباراة كانت على وشك النهاية ونحن نلعب بعشرة لاعبين"
دافعت عن خيارتي التكتيكي لان هنالك قرارات كان يجب ان يتخذها المدرب وليس غيره حتى لو لم تعجب الجمهور لكن بيريز لم يعجبه الأمر .
"لا يمكنك فعل ذلك في ريال مدريد، انت مطالب بتقديم عرض للجماهير وليس فقط الفوز" وانهى الرئيس الاتصال الهاتفي.

(دقات الساعة هزمتني)

جميعنا نحب رؤية أداء جميل ونحب رؤية لاعبين بمستوى عالي يقدمون ما لديهم لارضاء الجمهور لكنك لا تستطيع بناء فريق بتجميع لاعبين متميزين فقط بل عليك إيجاد التزازن المطلوب لجعلهم جميعا يركطضون في سبيل هدف جماعي واحد.
بعد مرور سنوات ربما كان يمكنني الاستمرار في منصبي لولا ذلك الحديث عبر الهاتف مع بيريز وادركت انه كان يمكن تاجيله لوقت لاحق عندما تهدا النفوس والاعصاب وليس مباشرة بعد نهاية المباراة وانا متاكد من انه بمرور الوقت كان يمكنني تقديم العمل الذي بحثت عنه في مهمتي كمدرب للفريق لكني لم امتلك الوقت الكافي ، خسرت صراعي مع دقات الساعة في البرنابيو .