112سنة أهلي|المبادئ سر عظمة نادي القرن

الأربعاء 24/أبريل/2019 - 04:16 م
كتب: محمد مصطفى
وان ثري| بوابة الرياضة المصرية
عبر مائة سنة وتزداد إثني عشر عاما، هي عمر الأهلي، مر النادي العريق بسنوات شهدت كثير من الشهد، قليل من الدموع، سنوات طويلة شهدت مئات الانتصارات المدوية وقليل من الانكسارات.

ورغم سيطرة الأهلي شبه الكاملة على البطولات في مصر، ودخوله المعترك الأفريقي ثم العالمي ليصبح سيدًا لأفريقيا ومتصدرًا لأنديتها في كم البطولات التي نالها، وفوزه بلقب نادي القرن، ثم حصوله على برونزية كأس العالم للأندية 2006، فلم تكن بطولات الأهلي هي السبب الرئيسي في شعبيته.

فشعبية الأهلي نبعت من نشأته الوطنية، فالأهلي أسس على يدي وطنيين أحرار أرادوا أن يكون ناديهم ملتقى لمحبي مصر وثواره، كبر ونما على أسس تربوية أخلاقية وضعها مؤسسوه وسار عليها قادته، على رأسها شعار طبقه الأهلي على أرض الواقع عبر سنواته الطويلة هو "الأخلاق قبل البطولة"، على هذا الشعار وغيره من الأسس سار الأهلي، ولهذا ورغم مرور النادي الأهلي بالكثير من الأزمات، كان يستطيع تخطيها بتغليب المبادئ والأخلاقيات ومصلحة الأهلي على ما عداه.


ولهذا عاش الأهلي نموذجًا فريدًا يشار إليه بالبنان، يتمنى منافسوه أن تكون أنديتهم مثله، فقوة الكيان تقاس بقوته على تخطي الأزمات، ولا تقاس أبدًا القوة في الرخاء، ودائمًا ما يثبت الأهلي قدرته على تخطي صعاب وأزمات كانت سببًا في سقوط منافسيه.

والجميل أن الأزمات التي مر بها الأهلي عبر تاريخه كانت تحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر لمن يريد أن يتعلم ويعتبر، فإن كان مهمًا أن تتخطى الأزمات، فالأهم أن تتعلم منها، لهذا نفتح سويًا سجل تاريخ النادي الأهلي لنتحدث بعض الأزمات في تاريخه لنتعلم منها، ونعرف كيف تخطاها الأهلي لنفخر أيضًا بأهلي القيم والمبادئ والأخلاقيات، فكما نتحدث عن تاريخ انتصارات الأهلي بفخر لنسعد بتاريخ نادينا العريق، من المهم أن نتحدث عن الأزمات التي مر بها ونفتح أوراقها، ففي انتصارات الأهلي فخر كبير، وفي كيفية علاجه لأزماته الفخر الأكبر.

البداية.. فؤاد أفندي درويش

البداية كانت مبكرة جدا، سنة 1912، تقدم أحد أعضاء النادي تقدم بشكوى رسمية ضد عضو آخر يتهمه فيها بسبه وإهانته أمام أعضاء النادي، فماذا فعلت إدارة النادي أمام هذه الواقعة من الخروج عن الأخلاقيات؟.

في جلسة 16 فبراير 1912 عرض السكرتير على اللجنة الشكوى المقدمة من سليمان أفندي فائق العضو بالنادي ضد فؤاد أفندي درويش العضو أيضًا بتهمة فيها بأنه سبه وأهانه إهانة علنية على مسمع من كثير من أعضاء النادي ويطلب في ختامها النظر في ذلك فقررت اللجنة تحويل هذه الشكوى على لجنة تنظيم الألعاب المشكلة من الأفندية: أحمد فؤاد أنور، وفؤاد كمال، وزكى سرى، وعبد الفتاح منصور، ومحمد فؤاد، وعبد المجيد رمزي، وحسن على لفحصها.

وفى جلسة 5 مارس 1912 عرض السكرتير على اللجنة نتيجة التحقيق الذي قامت به لجنة تنظيم الألعاب في الشكوى المقدمة في سليمان أفندي فائق ضد فؤاد أفندي درويش فقررت اللجنة ما يأتي:

تكليف فؤاد أفندي درويش بتقديم استقالته من عضوية النادي في ظرف ثلاثة أيام مع مطالبته بدفع المتأخر عليه في الاشتراك، وفى حالة رفضه تنفيذ هذا القرار يشطب اسمه من عضوية النادي وكلف السكرتير بإعلانه بهذا القرار.

وهكذا كانت البداية، مع أول خروج عن الأخلاقيات كانت الضرب بشدة وحسم وحزم حتى تستقيم الأمور ويعلم الجميع أن الأخلاق قبل كل شيء وأن النادي لن يتهاون في الضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه الخروج عنها، يا لها من بداية أثرت أيما تأثير على مسيرة النادي وحافظت عليه.

الأهلي فوق الجميع

تمر سنوات وتأتي سنة 1918، وفي أكتوبر منه تقدم ستة لاعبين من الفريق الأول الذي يستعد لبطولة كأس السلطان حسين وهم "محمد أفندي شكري وكامل أفندي طه وحسن أفندي الصعيدي ورياض أفندي شوقي وعباس أفندي صفوت وعبد الحكيم أفندي على" بطلب لإدارة النادي بقصد الاستقالة من النادي، وشعرت إدارة النادي أن الاستقالة غرضها الانتقال للعب لنادي آخر في نفس البطولة، وكان بإمكانها رفض الاستقالة، إلا أنها قررت قبول الاستقالة الجماعية منهم مع حرمانهم من دخول النادي لعام ميلادي كامل، قبل أن تقبل إدارة النادي وقتها التراجع المكتوب من الأربعة الأوائل، وتقبل تواجدهم بفريق الكرة.

وهكذا الأهلي، يرفض لي الذراع، يرفض الانصياع والخنوع لأي فرد فيه، فالغلبة دائمًا وأبدًا للمجموع، الغلبة لصالح النادي، ولهذا ظلت مصلحة الأهلي فوق مصالح جميع أفراده، تاريخ ترجمه الراحل صالح سليم عندما قال قبل نهاية الألفية بسنوات قليلة مقولته التاريخية: "الأهلي فوق الجميع".